ريال مدريد يكرّم عبد الرحيم وحيدة، أحد الناجين من زلزال المغرب، بركلة بداية شرفية في البرنابيو بقميص مبابي
ريال مدريد يكرّم عبد الرحيم وحيدة، أحد الناجين من زلزال المغرب، بركلة بداية شرفية في البرنابيو بقميص مبابي |
في مشهد إنساني مؤثر جسّد القيم السامية لكرة القدم، قام نادي ريال مدريد الإسباني بتكريم الطفل المغربي عبد الرحيم وحيدة، أحد الناجين من زلزال المغرب 2023، بمنحه شرف تنفيذ الركلة الشرفية قبل انطلاق مواجهة الفريق أمام إسبانيول ضمن منافسات الدوري الإسباني (La Liga)، على أرضية ملعب سانتياغو برنابيو.
ارتدى عبد الرحيم قميص ريال مدريد الذي يحمل الرقم 10 واسم كيليان مبابي، نجم الفريق المنضم حديثًا، في لحظة جمعت بين الحزن والتكريم والأمل، وسط تصفيق حار من الجماهير الحاضرة التي تأثرت بقصته المؤلمة.
قصة مأساوية هزّت العالم وأثارت تعاطف ريال مدريد
ينحدر عبد الرحيم من إقليم الحوز في المغرب، أحد أكثر المناطق تضررًا من الزلزال الذي وقع في سبتمبر 2023، وأسفر عن مئات الضحايا والجرحى، وتسبب بتشريد الآلاف. فقد الطفل جميع أفراد أسرته في الزلزال — والده، والدته، جده، وشقيقيه — ولم يتبق له سوى عمته التي تولت رعايته بعد الكارثة.
انتشرت قصته المؤثرة بعد ظهوره في مقابلة تلفزيونية مع قناة "العربية"، حيث كان يرتدي قميص ريال مدريد، ويبكي بحرقة على فَقْد والديه، كاشفًا عن حلم والده بأن يصبح طبيبًا في المستقبل. المشهد المؤلم جذب أنظار العالم، ووصل إلى إدارة نادي ريال مدريد، التي تحركت سريعًا للتواصل مع الطفل وتكريمه بطريقة تليق بصموده رغم المأساة.
الركلة الشرفية: لفتة رمزية بمعانٍ إنسانية كبيرة
تُعد الركلة الشرفية (Honorary Kick-off) تقليدًا رمزيًا تقوم به بعض الأندية الكبرى لتكريم شخصيات مرت بظروف إنسانية استثنائية، مثل التغلب على مرض خطير أو النجاة من كارثة. وتُمنح عادةً لمن يمثلون الشجاعة والصمود، سواء كانوا من الكبار أو الأطفال، في إطار يجمع بين الرياضة والعمل الإنساني.
في حالة عبد الرحيم، لم تكن الركلة مجرد إجراء احتفالي، بل رسالة تضامن ومحبة من ريال مدريد تجاه أحد مشجعيه، وإشارة إلى أن كرة القدم يمكن أن تكون وسيلة للشفاء والدعم النفسي.
قميص مبابي رقم 10: رمزية الحلم والطموح
اختار ريال مدريد أن يرتدي عبد الرحيم قميص النجم الفرنسي كيليان مبابي، الذي يُعد اليوم أحد أبرز نجوم كرة القدم العالمية، وذلك لما يمثله من طموح وتأثير كبير في قلوب الأطفال حول العالم. ظهور عبد الرحيم بهذا القميص كان بمثابة مزج بين الحلم والواقع، حيث يقف طفل نجا من مأساة على أرضية أحد أعظم ملاعب العالم، مرتديًا قميص لاعبه المفضل.
ردود فعل محلية وعالمية واسعة
انتشرت صور وفيديوهات عبد الرحيم من ملعب البرنابيو بشكل واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، وانهالت التعليقات المؤيدة والداعمة، والمشيدة بموقف ريال مدريد. كما طالبت العديد من الأصوات بمتابعة حالة الطفل وتقديم الدعم المستمر له على المستوى النفسي والتعليمي، لتحقيق حلم والده الراحل بأن يصبح طبيبًا.
كما عبّر العديد من الصحف والمواقع العالمية عن إعجابها بالمبادرة، ووصفتها بأنها تجسيد حقيقي لقوة كرة القدم في توحيد الشعوب وتعزيز القيم الإنسانية.
ريال مدريد: ريادة رياضية وإنسانية
لا يقتصر تميز نادي ريال مدريد على سجله الحافل بالألقاب والبطولات، بل يمتد إلى مجالات أعمق تتجاوز حدود المستطيل الأخضر، حيث يرسّخ النادي مكانته ككيان رياضي عالمي يتحمّل مسؤوليته المجتمعية والإنسانية بكل جدية والتزام.
من خلال مبادراته المتكررة في دعم القضايا الإنسانية ومساندة المتضررين من الكوارث والأزمات، يثبت "الملكي" أن الريادة لا تُقاس فقط بعدد الأهداف أو الكؤوس، بل أيضًا بمدى تأثيره في حياة الآخرين. ومبادرة تكريم الطفل المغربي عبد الرحيم وحيدة – أحد الناجين من زلزال الحوز 2023 – بمنحه الركلة الشرفية في ملعب سانتياغو برنابيو، ليست سوى مثال حيّ على هذه الريادة الإنسانية.
هذا التكريم جاء ليؤكد أن ريال مدريد لا ينسى مشجعيه، حتى في أقسى لحظاتهم، ويقدّم رسالة قوية بأن الأندية الكبرى يمكن أن تكون منصات للشفاء، والعزاء، والأمل. وبهذا النهج، يواصل النادي تعزيز صورته كنادٍ لا يصنع فقط النجوم، بل يصنع أيضًا الفارق في حياة الناس.
كرة القدم تتجاوز حدود الرياضة
قصة عبد الرحيم وحيدة تبرز كيف يمكن للرياضة، وخاصة كرة القدم، أن تتجاوز دورها التنافسي، لتتحول إلى منصة للشفاء، والدعم، والتكريم. ومن قلب الحزن في جبال الأطلس، إلى نور ملعب البرنابيو في مدريد، تنقل عبد الرحيم في رحلة تختصر المعاناة والأمل، وتُثبت من جديد أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل رسالة إنسانية سامية تصل إلى كل من يستحقها.
تعليقات
إرسال تعليق